- الزيارات: 629
دعوة إلى تنقية المسيحية المشرقية
ميشال سبع- جريدة المستقبل في 14- 2- 2000
في القسم الأول من الكتاب حاول الأب يمّين كشف أن بيت لحم هي لبنانية وليست في اليهودية واسمها القديم أفراته وهي مدينة كنعانية تحدثت عنها رسائل تل العمارنة. أما بيت لحم الجديدة فقد بنيت بعد زمان طويل. واللغط الحاصل هو نتيجة التباس وخلط وقع بين أفراته التي تعني لغة "الكثيرة الثمار" وهي أصلا مرادف لبيت لحم الجليل الكنعاني، وبين أفرائيم السبط التي لغة "الكثيرة الثمار" أيضا وهي إلى الشمال من أورشليم وهذه في الواقع لا وجود لها جغرافيا.
في القسم الثاني يرى الأب يمّين أن المسيحيين المتهودين في بداية المسيحية حاولوا بكل قواهم أن يبرهنوا أن يسوع المسيح هو المسيح المنتظر لدى اليهود وقد كان على رأسهم الانجيلي متى الذي حاول أن يستميل اليهود بأي شكل ومن أجل هذا نسب يسوع إلى ذريتهم. وهذ ما هو غير حاصل لدى الانجيليين الآخرين. فمرقس يبدأ بيوحنا في الجليل وبيسوع الآتي من ناصرة الجليل أي من ارض كنعان- جلبل الامم- والأمم تعني غير اليهود. اما لوقا فيشك في أن يسوع ابن يوسف فيقول "كان يسوع عند بدأ رسالته في نحو الثلاثين من عمره وكان الناس يحسبونه ابن يوسف بن عاصي- لوقا 3: 24". اأما يوحنا فيظهر التناقض واضحا عندما قال: "أناس في الجمع وقد سمعوا هذا الكلام. هذا هو النبي حقا، وقال غيرهم: هذا هو المسيح، لكن آخرون قالوا: أفترى من الجليل يأتي المسيح "الم يقل الكتاب أن المسيح هو من نسل داود وإنه يأتي من بيت لحم فوقع خلاف بشأنه- يوحنا 7- 25".
ويؤكد الأب يمّين أن المسيح هو كنعاني ابن كنعاني وكنعانية- ص 303. هذا السرد والمعالجة التاريخية والمقاربة بين الألفاظ والمدن يتابعه المؤلف في القسم الثالث والرابع ليصل إلى تأكيد أن المسيح لم يولد في بيت لحم اليهودية بل في مغارة في بيت لحم الجليل والمغارة كانت في أرض فينيقية- لبنان.
وينتهي إلى خلاصة مفادها "أن كتب الأناجيل ليست كتبا تاريخية وجغرافية بحصر المعنى وبمفهوم التاريخ والجغرافيا في يومنا هذا، كانت بالأحرى نوعا من كتب التاريخ الديني المتبع في ذلك العهد مع أنها تحتوي بعض الحقائق التاريخية والجغرافية الثابتة المؤكدة. لقد كتب مؤلفوها على طريقتهم الخاصة بالكتابة التي ليست هي بالضرورة طريقتنا اليوم. استعملوا صيغة المدراش التي كان يستعملها اليهود في تأويل الأحداث والأخبار الخاصة بأسفار العهد القديم ولم يهتموا كثيرا بالتفاصيل التاريخية والجغرافية بل ركزوا على البحث الجديد الذي هو مجيىء المسيح. حاولوا بكل الطرق والوسائل أن يبرهنوا لليهود أن يسوع المسيح هو المخلص المنتظر فربطوه بذرية الملك داود وسلالته الملكية وجعلوه يولد في بيت لحم اليهودية بالقرب من العاصمة أورشليم.
كتاب الأب الدكتور يوسف يمين دعوة مشرقية إلى تنقية المسيحية من ترسبات تاريخية متهودة عالقة منذ ألفي عام. وهي دعوة ليست جديدة إنما جديدها أنها تخرج من فم كاهن كاثوليكي ينتمي إلى طائفة عريقة في انتمائها الروماني، وينطلق من دراسة معمقة وكثيفة ومُوَّثقة حيث وصل عدد الخرائط إلى نحو 400 خريطة وخمسين صورة وأكثر من خمسين مرجعا بالعربية أو مترجمة للعربية إضافة إلى سبعين أخرى بالأجنبية إضافة إلى العشرات من الطبعات المختلفة لأسفار العهد العتيق والعهد الجديد.
ميشال سبع